تتزايد يومياً الحاجة للإرشاد في المدارس وفي الحياة العامة ،وهذا يمكن لمسه من خلال الطلب المتزايد من قبل مدراء المدارس لتفريغ مرشد المدرسة ليصبح مركزاً كاملاً في المدرسة حتى يتسنى له ممارسة دوره بفاعلية ،بحيث يساهم في تعزيز دافعية الطلبة نحو العملية التعليمية التعلمية ومتابعة التأخر الصباحي والغياب المتكررين والمساهمة الفعالة في إعادة الطلبة المتسربين إلى مقاعد الدراسة ، والتعاون في حماية الطلبة من العنف وتدعيم البيئة الآمنة عبر عرض الأساليب البديلة في التعامل مع الطلبة وبين الطلبة وإكساب الطلبة مهارات التفاوض وحل النزاع ، وتعزيز السلوك الصحي والصحة الإنجابية ، والى تدعيم العلاقة التكاملية مع الهيئتين الإدارية والتدريسية ،ونشر الوعي المهني ،هذا بالإضافة إلى العمل على الاحتياجات الخاصة بطلبة المدرسة والتي ربما تختلف قليلاً عن الحاجات الإرشادية العامة للطلبة من جنين إلى رفح مناطق عمل وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية ،وصولاً إلى تحقيق المخرجات المرجوة وتحضير الطالب لحياة شخصية ومجتمعية ناجحة .
وفي الحياة العامة يمكن لمس الحاجة المتزايدة للإرشاد من خلال محاولة الأهالي الاستفادة من الخدمات التي يقدمها المرشد التربوي في المدرسة طلباً للإرشاد في حياتهم الخاصة ، وعنا لا يستطيع المرشد تقديم العون إلا بالقدر الذي يمس حياة طالب المدرسة ويؤثر عليه إيجابا.
ومع تزايد الحاجة للإرشاد التي تتطلب توسعاً عموديا يتمثل في صقل خبرات المرشدين وسد النقص فيها ، وأفقيا بزيادة عدد المرشدين والعمل على نجاعة وكفاءة البنية التحتية للإرشاد ممثلة بزيادة أعداد المرشدين وتوظيف موظفين إداريين أو لنقل مساعدين فنيين في أقسام الإرشاد التربوي في المديريات والتي لا يوجد فيها موظف إداري أو فني واحد ،وتخلو إلا من رئيس قسم الإرشاد المثقل بمتابعاته الإدارية والفني والداعمة للمرشدين التربويين.
كما أن الحاجة ماسة إلى وجود مشرفين مهنيين لمتابعة العمل والرقي فيه –إذ يترك حالياً ومنذ العام 1996م موضوع المتابعة المهنية إلى جانب المتابعة الإدارية وخدمات الدعم والوساطة بين المرشد والمؤسسات ذات العلاقة والتنسيق للمشاريع التي يصل عددها أحيانا إلى سبع مشاريع في الفصل الواحد إلى رئيس قسم الإرشاد والتربية الخاصة الذي يتابع على الأغلب طاقما ضخماً من مرشدي المدارس وصل تعداد هذا الطاقم في العام الدراسي 2007-2008 في مديرية تربية الخليل على سبيل المثال لا الحصر- كما في المديريات الكبيرة الأخرى مثل مديرية جنوب الخليل ومديريات القطاع الحبيب- إلى "68" مرشد ومرشدة إضافة إلى ثلاثة مرشدي تعليم جامع ومعلمي غرفة مصادر .
وهذا بحاجة إلى وجود"8" مشرفين مهنيين على الأقل كما هو الحال في مؤسسات الإرشاد غير الحكومية إذ تبلغ النسبة المعمول بها مشرف واحد لكل "8" مرشدين.
أو أن طاقم ضخم كهذا بحاجة إلى "5" مشرفين كما هو الحال في وكالة الغوث إذ تبلغ النسبة مشرف واحد لكل "15" مرشداً.
كما أن الحاجة ماسة إلى تتابع الزيارات والمتابعات الميدانية وما تتطلبه من توفير وسائل مواصلات والتي هي شحيحة وعرجاء في الكثير من مديريات التربية والتعليم.
وفي ظل غياب هذا كله يتعرض رؤساء أقسام الإرشاد التربوي والتربية الخاصة إلى الاحتراق النفسي الوظيفي، ولا يستطيعون من خلال أقسامهم تقديم خدمة إرشادية ذات فعالية.
وفقاً لهذا الواقع يدور تساؤل رئيس هو :
هل تكمن المشكلة التي تحول دون تقديم خدمة إرشادية نوعية فاعلة الى نقص في الإمكانيات لدى المشغلين ؟
أم الى نقص في الوعي الإرشادي لدى قطاعات واسعة ممن يستطيعون إحداث بصمة التغيير ؟
ان موضوع الإمكانيات وارد حيث أن المرشدين الجدد يتم احتسابهم من فائض حصة وزارة التربية والتعليم العالي من المراكز الإدارية بعد استكمال التخصصات الأخرى .
الا أن هذا يصب في خانة التساؤل الثاني ذو العلاقة بنقص الوعي الإرشادي ومتطلباته .
وعلى الرغم من صعوبة الواقع واشكالياته إلا أنني أقول وبكل فخر بأن السنوات الاثنى عشر لبرنامج الارشاد التربوي في المدارس تضاهي الخدمة الإرشادية في كثير من الدول العربية ومنها الأردن الذي بدأ فيه برنامج الإرشاد التربوي منذ العام 1968م بل ربما يتفوق عليه عندنا في بعض الجوانب والأدبيات.
إلا أن ما دفعني للكتابة ولوصف الواقع أو لنقل الواقع الإجمالي هو الرغبة في وقف الاحتراق النفسي الوظيفي لرؤساء أقسام الإرشاد والتربية الخاصة ولمرشدي ومرشدات المدارس.ولتقديم خدمة إرشادية نوعية لطلبة المدارس ،وبناءً على ما تقدم لا يمكن أن يتم هذا في مجمله الا بإدخال الإرشاد التربوي الى التشكيلات المدرسية حتى يتوفر لكل مدرسة مرشد كامل أو نصف مرشد على الأقل، والبدء في تنفيذ الخطة الخماسية لدائرة الإرشاد التربوي والتربية الخاصة
مع الاحترام
أ.خضر مبارك الخالدي
رئيس قسم الإرشاد التربوي والتربية الخاصة في مديرية تربية الخليل
2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق