الاثنين، 4 فبراير 2013

دور النقابات في اصلاح التعليم

بسم الله الرحمن الرحيم
من الطبيعي أن تكون عملية إصلاح العملية التعليمية من القضايا الأكثر تعقيدا وتشابكا  وجدلا داخل المجتمعات , ويعود ذلك لطبيعة التعليم والأهداف المنوطة  به  من حيث تقديم خدمة لأبناء المجتمع ذات فوائد متعددة لفئاته المختلفة , ولان التعليم يشكل مرجعية وأساسا  لقضايا المجتمعات ومشكلاتها  السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأمنية والتنموية …., ويسعى من خلال المؤسسة التربوية لحل مجمل المشاكل التي تعاني منها المجتمعات , حيث يمثل البوصلة للنهوض والتطوير ومواكبة روح العصر , لهذا كان التعليم ولا زال يشكل جدلية وحراكا مجتمعيا يشارك فيه أصحاب القرار وصناع السياسات العامة مع باقي أطياف المجتمع .
ولان نقابات المعلمين تمثل  الفئة التنفيذية لسياسات وبرامج وزارات التربية والتعليم , والمعقود عليهم الأمل في النهوض والتطور ومعالجة المشاكل المجتمعية , تعتبر الشريك الأهم في عملية إصلاح العملية التعليمية , وسياساته ونظمه المعمول بها , ولقد جاء هذا المقال كمدخل لنقاش أوسع حول دور النقابات في هذه العملية الإستراتيجية المهمة للمجتمع , ويهدف لإثارة حالة من العصف الذهني وحراك مجتمعي لدى صناع القرار وأصحاب الشأن , وأطياف وشرائح المجتمع المختلفة, حول هذا الدور الخفي ربما أو غير المعلن أو المهمش بفعل الظروف التي نعيشها في مجتمعنا الفلسطيني .
وقبل الخوض في دور النقابات في عملية الإصلاح , لا بد أن نؤكد أن لنظامنا التعليمي انجازات كبيرة لا يمكن إغفالها وتجاهلها , بل يتم البناء عليها , ويأتي في مقدمتها الجهود الحثيثه لنشر التعليم والتوسع فيه بشكل أفقي وراسي بهدف إتاحة فرصة التعليم للجميع , وهذا لا يعني خلو نظامنا التعليمي من المشاكل العديدة التي هي بحاجة لوقفة جادة لمعالجتها , من حيث الوقوف على أسبابها وطرق علاجها عبر الشراكة المجتمعية , والتي تكون على رأسها نقابات المعلمين والقيادات النقابية و لما لها من دور محور وهام في العملية التربوية كما ذكرنا سابقا .
والحل لمشاكلنا التربوية يكون بخطة شاملة متكاملة تبدأ من السياسات العامة وتنتهي بالمعلم في صفه , بعيدا عن الارتجالية والفردية , المبنية على عمل كل دائرة في وزارة التربية بشكل منفرد , بمنأى عن الإدارات الأخرى , أو الأهداف التربوية العليا , او عمل وزارة التربية بعيدا عن الحراك المجتمعي العام , لان الاستعجال والتفرد في معالجة قضايا التعليم لن يولد  حلولا  جذرية ذات أبعاد إستراتيجية طويلة الأمد , انما يفضي لحلول مؤقتة منقوصة , وهنا لا بد لنا من تحديد أسس ومنطلقات لعملية الإصلاح الشاملة التي ننطلق منها وهي :-
أولا : التعليم مسؤولية الجميع :- بحيث يكون وضع السياسات العامة للتعليم مسؤولية الكل الفسطيني , غير مقتصرة على فئة أو جماعة محددة , بحيث يشارك الجميع- مؤسسات المجتمع المدني , الأحزاب السياسية والفكرية , أولياء الأمور , الإعلام , نقابات , أندية -  في التخطيط والتنسيق والعمل المشترك المتكامل معا .
ثانيا :- المدرسة هي اللبنة الأولى والاهم في عملية الإصلاح التعليمي , ونخص منها المعلم , لأنه من البديهي أن دور المدرسة هو تحويل مدخلات التعليم إلى مخرجات , فان  أي عملية  إصلاح لن يكتب لها النجاح اذا لم تشارك فيها المدرسة , وخاصة المعلم الذي يمثل الأداة التنفيذية للعملية التعليمية .
ثالثا :- الرؤية لاستراتيجيه العامة للتعليم ( السياسات العامة ) :- ما لم يتم تحديد ما الذي نريده من نظامنا التربوي تيقى النتائج غير محسوبة , ونبقى أسرى لمشاكل نظامنا التربوي , دون الوصول لحل ناجع , لان الهدف والغاية هو العنصر الأهم , الذي نسير على هداه , خاصة في ظل تورط نظامنا التربوي بالعديد من البرامج التي تبعد عن واقعنا , أو ينقصها الإعداد والتحضير المسبق ، من حيث توفير مقومات نجاحها البشرية والمادية .

المعلم  العنصر الأهم :-

العملية التربوية سلسلة متكاملة تبدأ بالسياسات العليا ثم السياسات العامة فالمنهاج ثم الإدارات التربوية , ثم المعلم , والأساليب والوسائل  انتهاء بالكتاب المقر ….. ولا شك أن قوة السلسلة مرهون بأضعف حلقاتها , فلو كانت كل حلقاتها قوية تكون السلسلة متينة , أما إذا كانت احدها ضعيفة فإنها تكون بالتأكيد ضعيفة بمجملها .
فلا فائدة من صرف  الأموال الطائلة على المنهاج  الجيد والأهداف الممتازة  والأبنية المدرسية  المريحة المجهزة بكل وسائل الراحة ,في حين يوجد خلل لدى الإدارات التربوية أو وجود خلل لدى المعلمين , لا شك أن الجهود السابقة تعتبر قليلة او عديمة  الفائدة , لان المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية التعلمية وهو الأداة التنفيذية للعملية بأسرها , وللأسف فالمدرس هو اضعف الحلقات في العملية التربوية وهذا يعود للعديد من الأسباب , من أبرز الأسباب أن مهنة التعليم وضعت  في أدنى السلم الاجتماعي , مقابل المهن الأخرى  مثل الطب والهندسة  والصيدله ….., لان المكانة الاجتماعية ارتبطت بالمال في مجتمعنا .
كما ان مهنة التعليم أصبحت مهنة غير جاذبة للخرجين ولطلبة العلم المميزين فانصرفوا لدراسة تخصصات أخرى غير المهن التعليمية , وهذا يجعل ولوج المعلم لمهنة التعليم مكرها او لعدم وجود بديل أخرى , وبدون أدنى شك هذا يؤثر على الأداء الوظيفي للمعلم .
فالدول المتقدمة تضع مهنة التعليم في أعلى السلم الاجتماعي والاقتصادي لعلمها بأهمية دور المعلم في التنمية وبناء الحضارة والحفاظ على كينونة الأمة , وعليه تصبح المهنة  جاذبة للكفاءات العلمية من الطلبة الأذكياء والمميزين , ومن المستحيل النهوض بالعملية التربوية , بحيث تؤدي رسالتها على أكمل وجه , ما لم ننهض بالمعلم اجتماعيا واقتصاديا , ونخرجه من حالة التهميش الاجتماعي والعوز الاقتصادي , عندها نكون قد وثقنا أهم حلقة من السلسلة التربوية في بلدنا , لذا فإننا سنركز على دور النقابات في تقوية هذه الحلقة المهمة للنهوض بعملية إصلاح حقيقة للتعليم في وطننا الحبيب , بعيدا عن الشعارات والعناوين الكبيرة التي تتصدر وسائل الإعلام دون أن نلحظ لها نتائج في الميدان ومخرجات العملية التربوية , بحيث يكون النهوض على – مستوى المعلم - في الجوانب التالية :-


على المستوى المعنوي الاجتماعي  :-

انطلاقا من المقدمة السابقة لا بد من تقدير المعلم والعمل على رفع مكانته الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني , والذي يشكل رافعة لمهنة التعليم بحيث يجعلها مهنة جاذبة لطموحات  الشباب والكوادر الأكاديمية المميزة في المجتمع   ويكون ذلك عبر زيادة مشاركة المؤسسات المجتمع المدني والشركات  الخاصة في التعبير عن معاني التقدير للمعلم , والعمل على مشاركة جميع المؤسسات في تكريم المعلم  عبر العمل على توسعة مظاهر الاحتفال بيوم المعلم على مستوى الوطن , التواصل مع المعلمين في جميع مناسباتهم , و تكريم المعلمين ( الجدد , المتقاعدين , الحجاج ) و الاهتمام ورعاية اسر المعلمين الأسرى والشهداء  و العمل على تأسيس مراكز طبية متخصصة لخدمة المعلمين وعوائلهم , و العمل على تخصيص حصة للمعلمين لتأدية فريضة الحج ,  الاهتمام بالمعلمين المتقاعدين من خلال إنشاء نوادي ومنتديات خاصة بهم .

على المستوى القانوني والتشريعات :-

العمل على تعديل وتطوير  قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذيه  , و إقرار قانون ممارسة العمل النقابي عبر المجلس التشريعي الفلسطيني , و إصدار قانون حماية المعلم والمؤسسات التربوية في فلسطين و التعاقد مع مؤسسات حقوقية لتقديم الاستشارات القانونية للمعلمين , وإنشاء دائرة خاصة بقضايا المعلمين لمتابعة مشاكلهم القانونية والتربوية والعمل على حلها .
 
على المستوى الاقتصادي :-

 العمل على إنشاء مؤسسات استهلاكية للمعلمين ذات أبعاد اقتصادية تكون رافده وميسره للمعلم ,
 القيام  بمشاريع إسكان المعلمين في كل محافظة من محافظات الوطن ,  إنشاء مشروع صندوق التكافل والتضامن الاجتماعي لخدمة المعلمين وتوفير سبل العيش الكريم لهم ولأبنائهم  ,
 توفير منح دراسية أو دعم مادي لأبناء المعلمين من خلال التواصل والشراكة مع الجامعات و  المؤسسات التربوية والخيرية في محيطنا الإقليمي والعالمي  .

على المستوى التدريبي والمهني :-

المساهمة في تنمية المعلم فنيا ومهنيا , وذلك عبر مشاركة  المعلمين   في البرامج التدريبية التي تقدمها النقابة , وابتكار مشاريع جديدة  واحد  على الأقل في مجال التنمية الفنية والمهنية للمعلم سنويا , وتحفيز المعلمين  للمشاركة وحضور  المؤتمرات  التربوية التي تسعى وتحرص النقابة على تنظيمها لمعالجة قضية تربوية تهم القطاع التعليمي , توفير المنح الدراسية للمعلمين الراغبين بإكمال دراستهم العليا , من خلال العلاقات النقابية والتربوية التي تتمتع بها النقابة مع محيطنا العربي والإسلامي والدولي  , وهذا يمنح و يوفير التدريب الدائم والمستمر للكوادر التعليمية  بهدف تطوير أدائهم المهني  و رعاية عدد من  المعلمين المميزين  في عملهم , والعمل على تشكيل لجنة مشتركة مع وزارة التربية للتباحث في المشكلات التي تواجه القطاع التعليمي .

 المنـاهج والتقنيات التربوية  :

المساهمة والشراكة في تحسين وتطوير المناهج الدراسية, عبر عقد الندوات والمحاضرات وورش العمل الهادفه لتقييم وتطوير المناهج المدرسية  من خلال مشاركة المعلمين والمشرفين والإدارات المدرسية وصناع القرار في وزارة التربية والتعليم  , تنظيم مؤتمر محلي سنوي للمعلمين لتقييم المناهج ووضع تصورات ومقترحات للتطوير  الأهداف التربوية العامة والخاصة , ولحل أهم وابرز المشكلات التي تواجه الميدان التربوي , ويكون ذلك عبر  تأسيس مركز  أبحاث تربوي يختص بالشؤون التعليمية من حيث تقديم الدراسات التقييمية  التطويرية للعملية التعليمية , و تشكيل وحدة خاصة بإقامة المؤتمرات ومتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عنها .

الإدارات والقيادات التربوية :-

 المساهمة في تطوير الإدارة المدرسية والتربوية  عبر تقديم الدراسات والتجارب االهادفة والمساعده في عملية التطوير ومواكبة التطور العلمي والإداري الذي تعيشه المجتمعات المتقدمة , بما يتوافق مع بيئتنا التربوية والاجتماعية والثقافية , دعم تنفيذ انشطة  لتبادل الخبرات التربوية بين الإدارات المدرسية في المحافظة الواحدة وبين محافظات الوطن بهدف الاستفادة من التجارب الناجحة وتلافي الإخفاقات والقصور التي قد تعانيها الإدارات المدرسية والقيادات التربوية على كل المستويات الإدارية, نقل بعض التجارب الخارجية الناجحة لتطوير الإدارات المدرسية ,  تنظيم  دورات تدريبية للإدارات المدرسية  , اقتراح وتطوير  مقاييس جديدة لتقييم الإدارات المدرسية  , والعمل على رعاية الإدارات الناجحة و المتميزة سنويا ونشر تجاربها للمدارس الأخرى  ، العمل على توجيه  اهتمامات الإدارات المدرسية للجوانب التربوية بدلا من الجوانب الشكلية .

 التواصل والشراكة مع وزارة التربية و المجتمع المحلي   :

العلاقة التي تربط النقابات مع وزارة التربية والحكومة في هذا الجانب هي علاقة شراكة وتكامل , وهي ذات العلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني خاصة التربوية منها الفاعلة والناشطة , وتكون العلاقة عبر التعاون البناء مع الوزارة  والمؤسسات التربوية الأخرى , ويقوم ذلك   بإنشاء و تفعيل وتنشيط دور اللجان المشتركة مع وزارة التربية , وتوثيق وتفعيل اللقاءات التربوية مع الجهات ذات الاختصاص ,  ونخص منها  كليات التربية في الجامعات الفلسطينية  ونهدف من ذلك :-
    * رعاية التعليم من قبل  المؤسسات المجتمعية  .
    *  تبنى مشاريع تربويه رائده  ورعايتها بالتعاون مع المؤسسات المجتمعية  .
        * المبادرة في تبني قضايا المجتمع والوطن.
   *   جعل التعليم أولوية مجتمعية عبر عمل برامج  لتوعية المجتمع بأهمية دعم أولوية التعليم .
       * تشكيل لجنة مشتركة مع أعضاء اللجنة التربوية بالمجلس التشريعي .
الإصلاح عملية تكاملية :-
علمية الإصلاح للعملية التعليمية هي علاقة تكاملية لا يمكن الفصل بين أجزائها , وما تم من فصل في هذه المقال هو بهدف الدراسة والتقييم  وتوضيح دور النقابات المفترض في هذه العملية  .
الدور الرقابي للنقابات على أداء وزارة التربية  :-
خلال  المرحلة  السابقة انفردت السلطة التنفيذية في العديد من الممارسات بعيدا عن الرقابة والمتابعة والمحاسبة خاصة في مجالات التعيينات والترقيات , دون وجود أي رادع لسلوكياتها التي قد تصل حد مخالفة  القانون  , وربما كان ذلك بتغطية رسمية من قبل النقابات التي تدعي تمثيل قطاع المعلمين  , المفترض منها حمل هموم المعلمين والتعبير عن تطلعاتهم وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم وتنحاز لهم لا عليهم , فالرقابة على أداء الهيكل الإداري في الوزارة بمستوياتها كافة , وعمل تقييم سنوي حيادي من قبل النقابات لها , ضمن معادلة تعزيز وتكريم المجد والمجتهد , وتعزير الكسول المخفق في عمله ,وهذا الامر ذو أهمية كبيرة في عملية النهوض والإصلاح التربوي في بلادنا , كما ان عملية المراقبة على تعيينات المعلمين الجدد والترقيات في مجالات الإشراف والادارت والقيادات التربوية يساهم بشكل فاعل في إعطاء كل ذي حق حقه , ويعطي المجال والحيز للتنافس الشريف بين الكفاءات الراغبة  في تبوء هذه المناصب القيادية , وعملية الربط بين الرقابة على الأداء والرقابة على التعيينات والترقيات من قبل النقابة بدون أدنى شك يفضي لحالة إصلاح شامله , لأنه بدأت باختيار وإصلاح الأداة التنفيذية في وزارة التربية والتعليم  .
بين الواقع والأمنيات :-

ربما يتبادر لذهن القارئ الكريم أن هذا المقال يمثل قفزة في الهواء ودرب من دروب الخيال والأمنيات , وأنا  اعذره لسببين أولاهما أننا لم نعيش تجربة العمل النقابي الحقيقي المنبثق من إرادة المعلمين والممثل لها  , عبر سنوات السلطة الفلسطينه إنما عايشنا ظاهرة  موظفين نقابين بحيث يعتبروا العمل النقابي بالنسبة لهم مجرد وظيفة ليس أكثر , لذا من الطبيعي أن ينعكس هذا الشعور على أدائهم في إدارة  العمل النقابي في فلسطين ويصاب العمل بحالة من الجمود والترهل وافتقاره للإبداع والابتكار والمشاركة الفاعلة في العملية التربوية والخدمات المقدمة للمعلمين .
والسبب الثاني عدم تعود وزارة التربية والتعليم والقائمين عليها على نمط نقابي متكامل في التواصل في كافة الشؤون التربوية , غير النمط المعتاد على ركيزة وحيده من الإضراب عن العمل لتحقيق بعض القضايا المادية , أو  المراجعة في بعض القضايا الإدارية لبعض الموظفين .

الخاتمة :-
   
     النقابات تمثل إرادة المعلمين الفكرية والسياسية التي هي انعكاس لإرادة الجماهير بالتالي هي الأقدر على تمثيل إرادة الجماهير في صيغة فلسفة وزارة التربية والتعليم خدمة لأهداف وتطلعات المجتمع وآماله وطموحاته , و هي التي تعمل على تحقيق العدالة بين أبناء المجتمع  في التوظيف والترقي في الوظائف الاشرافيه والقيادية للمؤسسة التربوية , ويأتي ذلك عبر الدور الرقابي للنقابات على الأداء الحكومي في وزارة التربية والتعليم ,و الشراكة الحقيقية المتكامل مع الحكومات في صيغة السياسات العامة والأهداف  العليا للعملية التربوية ,  وتصميم  المناهج والتعيينات للمعلمين والقيادات التربوية .

يوسف ابو راس
ماجستير ارشاد تربوي ونفسي
مرشد تربوي في مدارس مديرية جنوب الخليل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق