الثلاثاء، 9 يوليو 2013

معدلات انتشار الاضطرابات النفسية في اوساط المجتمع الفلسطيني تعتبر "الأعلى عالميا"

رام الله- القدس دوت كوم- مهند العدم- يواجه مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، أوضاعا صعبة، تهدد بإغلاقه، في وقت تزداد فيه معدلات العنف، واعدد المصابين باضطرابات نفسية في المجتمع الفلسطيني، علما ان المركز يعتبر الاكبر الذي يعنى بهذه الفئة، فضلا عن انه يقدم بعض الخدمات التي لا تقدمها مرافق وزارة الصحة الفلسطينية.
ويوضح مدير ومؤسس المركز، الطبيب النفسي والعصبي الدكتور محمود سحويل، ان معدلات انتشار الاضطرابات النفسية في اوساط المجتمع الفلسطيني تعتبر "الأعلى عالميا"، حيث تشير الإحصاءات الى ان 25% من ابناء الاراضي الفلسطينية يعانون من أزمات وصدمات نفسية بدرجة عالية، مقارنة مع 3% في دول العالم، الامر الذي يقول الدكتور سحويل بانه "نتيجة فقدان الأمل، وانتشار الحواجز والانتظار الطويل عليها، والاعتقالات، وصعوبة الوضع الاقتصادي".
ويقدم المركز خدماته مجانا، للجرحى، وأهالي الشهداء، ضحايا الجدار العنصري، وضحايا المستوطنين، وغيرهم، من خلال توعية المجتمع ونشر المعرفة حول مواضيع التعذيب والعنف، كما يقدم المركز مجموعه متكاملة من الخدمات العلاجية والتأهيلية لضحايا التعذيب وأسرهم والعنف المنظم داخل الأراضي الفلسطينية.
وتتنوّع الخدمات التي يقدمها المركز للمنتفعين، ما بين العلاج، والتأهيل، والتدريب، والتوعية، والزيارات الطبية الطوعيّة لمنازل غير القادرين على الوصول إلى المركز، وتوفير احتياجات الضحايا، من خلال تزويدهم بالعلاج المجاني، وتمكينهم عبر تدريبهم مهنياً، ومساعدتهم على اكتساب مهارات تؤهلهم للبدء بمشاريع ينتفعون منها في حياتهم.
وأشار سحويل الى ان طواقم المركز تقوم بنحو 9 آلاف زيارة منزلية، و 17 ألف جلسة علاجية  للمتضررين، بالإضافة الى قيامهم بزيارات دورية لسجون الاحتلال.
ويعود تأسيس المركز، الذي يقدم خدمات فريدة وملحة لقطاع واسع من ابناء المجتمع الفلسطيني، إلى أواسط الثمانينيات، حينما كان عاملون متطوعون يقدّمون خدمات نفسية وتفريغية للمعتقلين الفلسطينيين في سجون الإحتلال، حيث نجحوا في الإفراج عن 100  معتقل بعد ان تم تقديم تقارير طبية تؤكد صعوبة اوضاعهم النفسية.
الدكتور محمود سحويل
الدكتور محمود سحويل
ويشير الدكتور سحويل الى ان الخدمات التي يقدمها المركز، غير متوفرة ضمن الخدمات الحكومية أو الخاصة، وان المركز يقدم من خلال احدث الطرق العلاجية، كالعلاج الروائي، والعلاج المعرفي، وعلاج بصمة العين، حيث قام المركز بتأهيل طواقم متخصصة، تعمل في مختلف الفروع، وفي جميع مناطق الضفة الغربية والقدس.
وقال: في البداية، كان الإقبال على المركز ضعيفا، باعتبار ان العلاج من الصدمات النفسية وصمة اجتماعية سلبية، مع يخلق ويعزز نوعا من المكابرة لدى الأسير أو الجريح أو من يعاني من اضطرابات نفسية، موضحا ان المركز لجأ لتجاوز ذلك من خلال الزيارات الميدانية ونجح في ذلك، حتى اصبح يشهد المركز اقبالا كبيرا.
ويعمل المركز كذلك على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والأسرى، ويقدم تقارير سنوية  للأمم المتحدة، ومؤسسات دولية تعنى بحقوق الإنسان بهذا الشأن، وذلك الى جانب العمل على تأهيل الأسرى المحررين نفسيا ومهنيا، لمساعدتهم في الانخراط ضمن العملية الانتاجية من خلال منحهم مشاريع اقتصادية صغيرة، او تدريبهم، حيث نجح المركز في إدخال 80% من الأشخاص الذين خضعوا لتأهيل نفسي ومهني الى سوق العمل.

من يتعرض للعنف قد يمارسه ضد غيره

جانب من احد المخيمات الصيفية التي ينظمها المركز سنويا لابناء الاسرى والاطفال المعنفين
جانب من احد المخيمات الصيفية التي ينظمها المركز سنويا لابناء الاسرى والاطفال المعنفين
ويجري المركز تدريبات لضباط الأجهزة الأمنية، لتجنب استخدام العنف، من خلال إخضاعهم لبرامج تدريبية في مجال حقوق الإنسان، والقانون الدولي والإنساني، وانعكاسات العنف على الضحية وما يترتب عليه من آثار جسدية ونفسية.
وأشار سحويل الى ان نحو 60% من عناصر الأجهزة الامنية، دخلوا المعتقلات الإسرائيلية، وتعرضوا لاشكال مختلفة من التعذيب الممارس من قبل الاحتلال، وانه "من المعروف علميا ان من مورس عليه التعذيب يمارسهُ على غيره".

وأوضح ان معدلات ممارسة التعذيب في فلسطين تعتبر كبيرة جداً، ومعدلات العنف في المجتمع الفلسطيني بازدياد، وبعض جوانب هذا الامر يمكن ملاحظتها من حجم حوادث السير، والاختطاف، والموت في ظروف غامضة، موضحا ذلك "لم يعد ظاهرة بل جزءاً من ثقافة مجتمع".
وقال سحويل: معدلات التعذيب كبيرة جدا في فلسطين، حيث تشير الإحصائيات الى ان 25% من افراد المجتمع الفلسطيني تعرضوا للاعتقال، وحسب التقارير الحقوقية الإسرائيلية فإن 85% من المعتقلين تعرضوا للتعذيب، لكن دراسات مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، تشير الى نسبة اعلى وتؤكد أن 94 % ممن اعتقلوا تعرضوا للتعذيب أثناء اعتقالهم أو التحقيق معهم داخل السجون الاسرائيلية، ما يؤكد ان نسبة الاضطرابات النفسية عالية جدا نتيجة ذلك.
وبين سحويل، ان حجم التعرض للصدمات النفسية في المجتمع الفلسطيني يعتبر الأكبر عالميا، وتبلغ عدة اضعاف ما هي عليه في المجتمعات الأخرى، حيث تقدر نسبة ما يعانون من صدمات نفسية في الدول الأخرى 3%، لكن هذا الرقم يرتفع في فلسطين الى 25%، اما سبب ذلك فانه يعود للاحتلال وممارساته، والأحوال السياسية السائدة، وفقدان الأمل، والاوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة كما يقول الدكتور سحويل.
مركز تاهيل ضحايا التعذيب
مركز تاهيل ضحايا التعذيب
واوضح ان الاضطرابات النفسية ما بعد الصدمة، تحدث نتيجة  تعرض الشخص لحادث معين او نتيجة للتعذيب، ما يؤثر على سلوكه ويتسبب له بمشاكل اجتماعية.
وقال: على سبيل المثال فانه حين يشاهد شخص ما على التلفزيون او في الشارع مشهدا مماثلا لما تعرض له او عايشه، تتكون لديه ردة فعل وسلوك معين، ارتباطا بهذا الموقف، قد تنطوي عليه مخاطر كأن يؤذي نفسه، او يتصرف بطريقة سلبية حسب طبيعة الصدمة وحجم تأثيرها. كما تتسبب الاضطرابات النفسية، بكوابيس وما يرتبط بذلك من ارق وقلق، وعزلة، وعدم قدرة على التعامل مع الاخرين، ونوعا من الانفصام بالشخصية، وما يفضي له كل هذا من مشاكل عائلية واسرية.
واشار الى ان إحدى الاسيرات كانت تعرضت لمحاولة اغتصاب اثناء اعتقالها، وبعد الافراج عنها فان ما تعرضت له شكل لديها صدمة نفسية، قادتها تسببت في عدة محاولات لاحراق المنزل وتحطيمه.

أزمة تهدد بإغلاق مركز تأهيل ضحايا التعذيب

ويوضح سحويل ان مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، يواجه أزمة مالية خانقة، أدت الى تقليص نحو 70% من حجم خدماته، كما تم تسريح عدد كبير من طواقمه، ما انعكس بشكل واضح على حجم الخدمات المقدمة.
وقال: المركز يقدم خدماته لنحو رُبع افراد المجتمع الفلسطيني، كما يقوم بتوزيع ما قيمته 100 ألف شيقل سنويا من الأدوية المخصصة للامراض النفسية، ويقوم بمعالجة 7 آلاف حالة سنويا، فضلا عن انشطة اخرى يسعى المركز من خلالها لخدمة هذه الفئة وخفض معدلات العنف، حيث نظم على سبيل المثال، معارض في برلين، وعدم مدن اسبانية، وفي اميركا الجنوبية، زارها الاف الاجانب، حيث تم عرض رسوم لاطفال فلسطينيين، تعكس بعضا مما يعانونه، والأضرار النفسية والجسدية الناتج عن انتهاكات الاحتلال، لتعريف الجمهور العالمي بذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق