الأربعاء، 15 مايو 2013

وأخيرا عدنا الى كرتيا أرض فلسطين التاريخية



بقلم: اسامه مبارك
وقفنا على أرضها وتنسمنا عطر هوائها وتنعمت أنظارنا بطبيعتها الخلابة , انها أرض فلسطين الغالية , الارض التي اغتصبت وهاجر أصحابها منها قصرا , هذه الأرض الطيبة التي ارتوت بعرق من حرثها وزرعها من أجدادنا , فأنبتت سنابل خضراء تتموج يمينا تارة ويسارا تارة اخرى .
انها قريتنا انها بلدنا انها أرضنا انها زرعنا انها فلسطيننا, على أرضها سنحيى وفي ارضها سنموت بإذن الله.
قرية كرتيا , تقع في رقعة مستوية من الأرض في المنطقة الساحلية بفلسطين التاريخية , كان يجتاز طرفي القرية الجنوبي والغربي ( وادي المفرد ) الذي ينحدر من الفالوجة شرقا.
وقفت على أرضها شامخ رافع الرأس عاليا وقولت لها ها نحن عدنا يا غالية, كانت قدماي تتبختر على منطقة مرتفعة تسمى ( سطح القلعة )والتي رويت عنها حكايات .
كانت وقفتنا يختلط بها القلق والشجون والحيرة والفرح معا , نظرت على امتداد بصري الذي كان ينهم الطرق والبساتين وبقايا مقبرة قديمة غطتها الحشائش العطشى بين شجر ( الكينا ) , كان بجانبي بعض الأقارب و اكبرهم يدعى ( ابو الفهد)
وأنا أجول ببصري لاحظت أهل القرية المقابلة لنا , يزرعون الخيام , تعجبت من ذلك وسألت كبيرنا ( ابو الفهد ) , ماذا يفعلون لماذا يزعون الخيام , فكانت الاجابة , هذه خيام العودة يا ابن العم.
فعندما اغتصبت فلسطين وهاجر أجدادنا قصرا حملوا خيامهم وتنقلوا بها من مهجر الى مهجر , اما اليوم فنحن نزرع هذه الخيمة في أرضنا في سهلنا وجبلنا , ولن يقتلعوها مرة اخرى .
اذن فلنتعرف على هذه القرية الوادعة ***** كرتيا *****
كرتيا قرية عربية فلسطينية , كانت تتبع قضاء غزة قبل سنة ( 1948م ) و تقع شمال شرق غزة و تبعد عنها حوالي ( 29 ) كيلومتر , وهي على بعد كيلو متر واحد شمال غرب الفالوجة, ترتفع ( 100 ) متر عن سطح البحر , تحيط بأراضيها قرى *حتا *الفالوجة من الشرق , عراق سويدان وبيت عفا من الغرب , السوافير الشرقية من الشمال.
كان في القرية مسجد ومدرسة ابتدائية ,اقيمت سنة ( 1922م) وكان فيها ( 128) تلميذ , كانت اغلب الزراعة بعلية .
تملك القرية من الأراضي (13,346) اراضي زراعية , ولم يسرب منها أي شبر لأحد غريب , يوجد بها أرض مشاع (363 ) دونم , المجموع ( 13,709 ) دونم .
التعداد السكاني للقرية و في عام ( 1948 ) *** 589 *** نسمة , وتعداد اللاجئين متها عام ( 1998 ) ***9,759 *** نسمة , عدد البيوت عام ( 1948 ) *** 390 *** بيت .
العائلات التي سكنت قرية كرتيا : العائلات الكبيرة : الخالدي , مغاري , ابو ناجي , السالمي , الحلو .
العائلات من أصول مصرية : الشاعر , ابو سعدة , الدريني , أبو لمضي , بدر , جبران , أبو عيشة .
العائلات الوافدة من القرى والمناطق القريبة وسكنوا القرية اواخر الحكم العثماني واثناء الأنتداب البريطاني وكانت أعدادها قليلة جدا: شعفوط ,سلامة , ابوخريس , حمد , أبوسل , مكازي , التلاوي , غريب , أبو الدبر , أبو محفوظ , الأطرش , أبو حان , الحميدي , سمور , الرفاتي , ابو عبيد , درويش , غبن .
اغتصاب القرية : كانت قرية كرتيا تعيش بهدوء ووداعة , الا أن القدر أراد لها غير ذلك , بدخول الصهاينة حولوا هدوء القرية الى صرخات وفزع وعويل , فكانت الانفجارات والرشاشات وأزيز الطائرات وبكاء وصرخات ونداءات ودماء وجرحى وشهداء وحرائق ودخان .
دخل لواء ( كفعاتي ) الصهيوني ارض القرية ونفذ بها عمليتين على الجبهة الجنوبية في المنطقة المحيطة بالقرية , خلال الأيام العشرة بين هدنتين الحرب .
في يوم ( 17- 18 /تموز – يوليو /1948 م ) قبل أن تدخل الهدنة الثانية حيز التنفيذ , وكان اقتحام القرية رغم دفاع اهلها المستميت الا انهم احتلوها, وقد نشب فيما بعد قتال ضار مع القوات المصرية التي وصلت الى مشارف القرية بدبابتين , وكانت على وشك اختراق الدفاعات الصهيونية من الجنوب , ولكن العدو كان لدية وحدة مزودة بأسلحة مضادة للدروع ( غيرت سير المعركة كما جاء في رواية الهاغانا , كانت تحتمي وراء سياج من الصبار , أصابت احدى الدبابات اصابة مباشرة , فأوقفت بذلك التقدم المصري .
في الساعة السابعة مساء اليوم ذاته , دخلت الهدنة الثانية حيز التنفيذ , ( وكان العرب بالأمس واليوم عند كلمتهم حتى مع عدوهم ) أما الأعداء فكانوا ولازالوا ينكثون العهود ؟؟؟؟؟!!!!! .
فكان الاحتلال والإحلال والاغتصاب لهذه القرية الوادعة مع باقي قرى ومدن فلسطين , التي لازالت قابعة في مكانها , كالعروس التي تنتظر الفارس .
المغتصبات الصهيونية على ارضي القرية .
ثمة ثلاث مستعمرات صهيونية هي ( كومميوت التي أسست سنة ( 1956 ) و رفحا التي أقيمت سنة ( 1953 ) و نهورا التي أقيمت سنة ( 1956 ) على جزء من أراضي القرية وعلى جزء اخر من أراضي الفالوجة ) .
تسمية القرية : يقال بأن سبب التسمية كرتيا بهذا الاسم , هو نسبة الى ابنة الملكة * هيلانة * التي كان اسمها * كرته * , فقد كانت الملكة * هيلانه* في بيت جبرين وكانت كرتيا تابعة لها , فأرادت الملكة * هيلانه * والدة الإمبراطور الروماني * قسطنطين الكبير * أن تبني لابنتها قصرا في أعلى مكان في القرية , يدعى * سطح القلعة * و ومع مرور الزمن حرفت الكلمة من كرته الى كرتيا .
ولكن على الأرجح هي كلمة يونانية بمعنى * القوة والحكم * وقد ذكرها * ياقوت الحموي * في كتابه * معجم البلدان * باسم * قرتيا * , وقد أقام الصليبيون في أرضها قلعة * غيلاتي * , وقد فتحها صلاح الدين الأيوبي , وفي سنة ( 699 ) هجري نزل كرتيا السلطان * محمد قلاوون * في طريقه لمحاربة المغول .
اذن هذه القرية الجميلة الوادعة , التي لم ولن تمحى من الذاكرة الا بعودتنا الحقيقية لها .
ما دفعني للكتابة عن هذه الحبيبة , ما حدث معي قبل عدة أيام , بعد صلاة الفجر , توسدت السرير , ويبدوا أنني ذهبت الى عالم اخر لا أدري هل هو رؤية أو حلم ؟
المهم أنني عشت لحظات فرحة جميلة على أرض بلادنا , أرض قريتنا , أرض اجدادنا وابائنا , كان شعور العودة لا يوصف , ومعي بعض اقاربي , تذوقت طعم العودة الى أرض الآباء والأجداد.
فما كانت الا خيوط الشمس وزقزقة العصافير , تدق على شباكي الزجاجي, لأصحوا من نومي وأنا فرح أشعر ببهجة داخلي لا توصف .
فهل يا ترى ما رأيته في الحلم هو نسخة لما سيتحقق علي أرض الواقع وأراه بعيني وأشعر به وأتلامسه بحواسي.
ام هو .... ؟؟؟؟؟ الله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق