الخميس، 9 أبريل 2015

كيفية مساعدة الطفل الذي يعاني من العزلة والإنطواء



إنّ الانطوائيّة والعزلة لدى الطفل هي أحد الأعراض التي تدلّ الى أنّ طفلك يعاني من مشكلة تسببّ له الألم والوجع على الصعيد العاطفي. يبذل العديد من الأهل كلّ جهدهم من أجل مساعدة طفلهم الذي يعاني من الانطواء إلاّ أنّهم غالبًا ما يدفعون به الى الانجرار أكثر فأكثر الى العزلة.
© Provided by 3a2ilati
ويظهر السلوك الانطوائي على شكل امتناع الطفل عن التواصل أو التفاعل الاجتماعي مثل بناء صداقات والانخراط في الأنشطة الاجتماعية وحتّى قد يتحاشى الاختلاط مع أفراد عائلته، كما قد يتجنّب المشاركة في الأحاديث في الأماكن العامّة أو اللعب مع الأطفال الآخرين ويفضلّ اللعبّ بمفرده في المنزل. ويمكن أن تكون الانطوائية والعزلة بغاية الخطورة إن لم يتمّ معالجتها في وقت مبكر. لذا، يجب أن تراقبي تصرّفات طفلك وفي حال لاحظت لديه أي علامة من علامات الانطواء إن كان في البيت أو في الأماكن العامة أو إن أبلغتك المعلّمة عن سلوك انطوائي لدى طفلك في المدرسة، أرجو أن تتبّعي النصائح التالية التي ستساعدك على التعامل مع طفلك من دون تفاقم الوضع.
• حدّدي المشكلة الأساسية: كما سبق وذكرت إنّ الانطوائيّة والعزلة هي أحد الأعراض التي تدلّ الى وجود خلل ما أو مشكلة كامنة عند الطفل مثل الاكتئاب أو سوء المعاملة أو الخوف من الذّل أو الافتقار الى تقدير الذات أو تعرّضه للتنمرّ أو مشاكل عائلية وغيرها. لذلك من الضروريّ معرفة السبب الذّي يدفع بإبنك الى الانطواء والعزلة من خلال مراقبته والتحدّث معه من دون الضغط عليه وايجاد حلّ للمشكلة.
• لا تمارسي الضغوط على طفلك: حاولي ألاّ تتذمريّ أو تضغطي على طفلك لكي يختلط مع بقية الأطفال لأن لو كان الأمر بيده لقام بذلك. إن قمت بالضغط عليه سيشعر بالمزيد من الاحباط وسيصبح أكثر انطوائية وعزلة عن الناس كما سيشعر بالذّل والفشل الاجتماعي.
• خصصّي وقتًا لطفلك: يجب أن تنخرطي في عالمه وتشاركيه اهتماماته ولكن من دون أن تفرضي عليه أي شيء. إن أظهرت له اهتمامك بعالمه الخاص سيشعر طفلك بالأهمية ما سيساعده  على توكيد الذات والثقة بالنفس.
• إنتبهي لتصرفاتك مع طفلك: إنّ السلوك الانطوائي لدى الطفل لا يظهر فجأة ومن دون أي سبب. لذا، إنتبهي الى كيفية تصرفك معه إذ قد يؤثر ذلك على سلوكه. لأنّ معظم المشاكل العاطفية لدى الأطفال سببها المنزل والمحيط العائلي فلا تلقي اللوم على طفلك بسبب سلوكه وحاولي أن تري ما الذي قد قمت به وأثّرّ على تصرفاته.
• لا تتّردي بطلب المساعدة: إن لم يتمّ معالجة مشكلة العزلة عند الطفل فقد تتفاقم وتؤدي به الى إيذاء نفسه، لذا لا تخافي من طلب المساعدة من أحد الأخصائيين. ليس من المعيب أن تلجأي الى أخصائي لإستشارته حول وضع طفلك وحتّى أن تقترحي على طفلك أن يطلب مساعدة نفسية. إن كان طفلك يبلغ من العمر 5 سنوات وما فوق يجب أن تطلبي إذنه أوّلاً للذهاب الى معالج نفسي لأنّك إن قمت بأخذه بالقوّة ستتسببيّن بنتيجة عكسيّة.

الثلاثاء، 24 مارس 2015

فخ الذاكرة.. فكّر مرتين قبل العبور من الباب


هل لاحظت أنك تنسى أحياناً ما الشيء الذي ذهبت لتأتي به من المطبخ، على الرغم من كونك قد قمت خصيصاً لإحضاره؟
وجدت دراسة حديثة في علم النفس أن المرور من الباب يمكن أن يمسح جزءاً من الذكريات.
بشكل عام، تؤثر البيئة بعمق على قدرتنا على التذكر، فحتى التفاصيل البسيطة واليومية مثل الخروج أو الدخول من الباب يمكن أن تمحي من دماغنا ذكريات كانت قبل قليل فقط واضحة جداً؛ وليس عبور الباب فقط يمكن أن ينسينا، فهناك أصوات معينة وجمل محددة تحمل التأثير نفسه.
وفي دراسة أجراها باحثون في علم النفس بجامعة “نوتردام” الأمريكية، ونشرت في مجلة علم النفس التجريبي (Quarterly Journal of Experimental Psychology)، قام الباحثون بإدخال مجموعتين من الأشخاص داخل غرفة كبيرة، وطلب من المجموعة الأولى التجول داخل الغرفة بشكل حر في حين أن الغرفة فارغة، في حين قامت المجموعة الثانية بالتجول داخل الغرفة نفسها وهي مليئة بالمعيقات من الأثاث، الأمر الذي جعلهم يتصورون الغرفة كحيز غير متواصل على عكس المجموعة الأولى.
بعد ذلك، قام الباحثون بعرض 10 صور غريبة على جميع المشاركين، وطلبوا منهم إغلاق عيونهم وتخيل أنفسهم يتجولون في الغرفة مرة أخرى؛ وبعد أن فتحوا عيونهم طلب الباحثون منهم تذكر الصورة التي عرضت عليهم قبل تجربة التخيّل، وهنا وجد أن المجموعة التي تجولت في غرفة مليئة بالمعيقات لم تنجح بتذكر عدد كبير من الصور، على عكس المجموعة التي تجولت في غرفة فارغة ثم تخيلت هذه الجولة.
الأمر الذي اعتبره الباحثون مفاجئاً؛ هو أن النسيان حصل حتى عندما تخيّل المشاركون عبورهم في غرفة معيقة، وليس فقط عندما مرّوا بالتجربة بشكل فعلي؛ أي أن مجرد تخيلك المرور بالباب قد يؤدي لفقدانك جزءاً من ذاكرتك، وليس المرور الحقيقي فحسب.
ليس هذا الغريب في الدراسة فقط بل هناك ما هو أغرب، لنفترض أن هناك من يحدثك قصة عن كلب وصاحبه، ويفصل لك الأحداث بالتسلسل وفجأة يقول: “وبعد مرور ساعات عديدة” ليكمل سرد القصة، استخدامه لهذه الجملة الانتقالية المختصرة للزمن له تأثير على جودة الذاكرة مثل تأثير “عبور الباب”.
أي أن استخدام الجمل التي تحدد الزمن داخل قصة يفعل فعل المونتاج في الأفلام عند الانتقال من مشهد إلى آخر، وتحتاج لتذكر الأحداث الوقوف للحظات لاسترجاع الفلم من بدايته، ويرى الباحثون بأن هذه النتائج تبيّن أن آلية عمل المخ الدقيقة جداً تتفعل من دون أن نعيها أو ندركها في اللحظة ذاتها، وأن التفكير في آلية التفكير هي ما قد يمكننا من الانتباه لطريقة عمل دماغنا.
وهنا يذكر الباحثون أن هذا البحث يستند على دراسات سابقة أجريت لطريقة عمل الذاكرة، وجاء فيها أن دماغنا يسجل الذكريات بشكل مقاطع غير متصلة مثل حركة، وأن المرور بين مقطع وآخر يشبه حركة “CUT” التي يقوم بها المخرج في أثناء تصوير فلم.
وبين المشاهد التي تسجلها الذاكرة هناك لحظات قصيرة جداً تسمى (أفق الحدث -Event Horizon) وهي الرابط بين لقطات الذاكرة المختلفة والتي يقطعها “المرور من الباب” ما يؤدي إلى ضياع اللقطة السابقة. إذن، اعتماداً على هذه الدراسة، لا داعي للقلق عند نسيان ما عزمت على فعله أو إحضاره أو قوله توّاً، ويكفي أن تذكر نفسك بأن دماغك تلقى أوامر من البيئة بأرشفة المشهد السابق والانتقال لمشهد جديد، تماماً كالمخرج السينمائي.

كيف تنتقي الذاكرة معلوماتنا


يشير (براد وايبل)، وهو أستاذ مساعد في علم النفس في جامعة ولاية بنسلفانيا، أنه يعتقد عموماً بأن الأشخاص يستطيعون تذكر تفاصيل محددة أكثر حول الأشياء التي يقومون بأداءها بأنفسهم، غير أن التجارب أظهرت بأن هذا ليس صحيحاً بالضرورة، فقد وجد الباحثون بأنه في بعض الحالات، يصعب على الأشخاص تذكر حتى أبسط المعلومات في حال لم يتوقعوا أن تكون هذه المعلومات مهمة وبحاجة لاستعادتها فيما بعد من الذاكرة.
قام كل من (وايبل) و(هوي تشين)، وهو زميل ما بعد الدكتوراه في علم النفس، باختبار ذكريات 100 طالب في المرحلة الجامعية، تم تقسيمهم إلى عدة مجموعات، بحيث تقوم كل مجموعة باختبار تجارب مختلفة من أجل معرفة نتائجها على الأنواع المختلفة من المعلومات، مثل الأرقام والحروف، أو الألوان، حيث تم عرض أربع أشكال مختلفة مرتبة بشكل مربع على شاشة موضوعة أمام المشاركين – على سبيل المثال ثلاثة أرقام وحرف واحد – وقيل لهم بأنهم بحاجة لتذكر في أي زاوية كانت تظهر الحروف.
بعد فترة معينة من الزمن، اختفت الأحرف من الشاشة وبدأ المشاركون يشيرون إلى الأماكن التي كانت تظهر فيها الحروف، وكان من المتوقع أن يكون هذا الجزء من التجربة سهل على المشاركين، حيث أنه نادراً ما كانت أجوبة المشاركين خاطئة في هذا الجزء من التجربة، وبعد تكرار هذه المهمة البسيطة لعدة مرات، قام الباحثون بسؤال المشاركين سؤالاً كان غير متوقعاً بالنسبة لهم، وذلك للتحقق من ذكريات المعلومات ذاتها التي استخدمها المشاركون للعثور على موقع الحروف، حيث تم عرض أربعة حروف على الشاشة وطلب من المشاركين تحديد الحرف الذي كان قد ظهر على الشاشة السابقة، والنتيجة كانت أن 25% فقط من المشاركين استطاعوا تحديد الحرف الصحيح، وهي النسبة ذاتها التي كان من المتوقع أن يستطيع أي شخص تخمينها بشكل عشوائي، والجدير بالذكر بأنه قد تم الحصول على نتائج مشابهة عندما طلب من المشاركين تحديد الأعداد الفردية، أو حتى أي نوع من الأرقام والألوان.
تبعاً لـ (وايبل)، فإن هذه النتائج كانت مفاجئة لأن النظريات التقليدية عن الاهتمام تفترض بأنه عندما يتم إيلاء الاهتمام لجزء معين من المعلومات، فإنه يتم تخزين المعلومات كاملة في الذاكرة أيضاً، وبالتالي كان يجب أن يكون أداء المشاركين أفضل في اختبار الذاكرة مفاجأة، وقد قام كل من (وايبل) و (تشين) بتسمية هذه الظاهرة بـ (سمة فقدان الذاكرة) وذلك كما أورد التقرير الذي تم نشره في دورية علم النفس.
تحدث هذه الظاهرة عندما يستخدم شخص ما جزء من المعلومة لأداء مهمة معينة، ولكنه يصبح بعد ذلك غير قادر على تذكر تلك المعلومة بشكل صحيح في وقت لاحق من الزمن لا يتجاوز الثانية الواحدة.
أشار (تشين) بأن المعلومات التي طلبها الباحثون من المشاركين في السؤال المفاجأة كانت مهمة جداً، وذلك لأنهم كانوا قد طلبوا منهم استخدامها للتو، أي أن تلك المعلومات لم يكن غير ذات صلة بالمهمة التي كانوا قد أوكلوها لهم.
بعد انتهاء التجربة المفاجئة، قام الباحثون بتكرار السؤال ذاته في التجربة التالية، إلا أنه حينها لم يعد مفاجئاً، وحينها لاحظ الباحثون أن أداء المشاركين كان أفضل بشكل كبير، حيث وصل متوسط الإجابات الصحيحة للمشتركين في التجربة الثانية بين 65 و 95% في جميع التجارب مختلفة، وبهذا بينت النتيجة أن توقعات الأشخاص تلعب دوراً مهماً في تحديد ما هي الأشياء التي سيتذكرونها.
يقول (وايبل) بأنه يمكن تشبيه الذاكرة بنوع من كاميرات الفيديو، فإذا لم يقم الشخص بالضغط على زر التسجيل في كاميرا الفيديو فإنه الكاميرا لن “تتذكر” ما رأته العدسة، ولكن إذا قام الشخص بالضغط على زر “التسجيل” عندها يتم تخزين المعلومات في الذاكرة.
يشير (تشين) و(وايبل) أن هذا التخزين العشوائي للذاكرة قد يكون أمراً مفيداً، لأنه يمنع الدماغ من تذكر المعلومات التي قد تكون غير ذات أهمية له، وهذا يمنع الذاكرة من مراكمة المعلومات غير المهمة لإفساح المجال للملومات الأكثر أهمية.

الجمعة، 16 يناير 2015

كيف يؤثر الطلاق على طفلك؟


أرابيا
© متوفر بواسطة Arabia.com
من المؤسف أن إنهاء العلاقة الزوجية المتمثل بالطلاق له آثار سلبية على نفسية الطفل، لا تؤخذ بالحسبان، وكثيراً ما يعتقدون أن الأطفال سيقبلون بالأمر الواقع، ويعتادون على الحياة الجديدة من دون التفكير في مشاعرهم أو ما سيترتب على نفسياتهم.
 
في الواقع، إن التأثير سلبي وقاسٍ جداً على نفسية الطفل، خاصةً إذا كان هناك عملية شد وجذب في الفترة التي تسبق الطلاق، ومشاجرات وإحتكاكات أمامه، والحقيقة الكبرى هو أن الطلاق يؤثر في الأطفال في كل مرحلة من مراحل حياتهم بدءاً من فترة الرضاعة.
 
إن ردة فعل الطفل بعد الإنفصال تعتمد بشكل أساسي على عمره، والظروف المرافقة للطلاق، أي كيف إستقبل هذا الطفل نبأ إنفصال والديه، هل صاحبت هذا الإنفصال مشاكل أم كان مدروساً يراعي وجود الطفل وحالته النفسية والخطط المعتمدة للمرحلة القادمة.
 
كيف يؤثر الطلاق في نفسية الطفل؟
←  إن الطلاق سيؤدي حتماً الى تغيير في حياة الطفل، مع تغير في الروتين والعادات التي إعتاد عليها، فلا يشعر بالإستقرار.
←  الشعور بالتشتت بين الأب والأم.
←  الشعور بالذنب لإعتقاده أنه السبب الرئيسي لطلاق والديه.
← الشعور بالغضب والكره اتجاه أحد الوالدين إذا تزوج من جديد.
←  الشعور بالخوف خلال نومه لغياب عنصر الأمان.
←  ابتعاده عن الدراسة وتشتت أفكاره.
←  يصبح أكثر عرضة للمشاكل السلوكية والأمراض النفسية .
كيف نساعد الطفل على تخطي هذه الأزمة؟
←  حاولا شرح التطورات للطفل بطريقة مبسطة وهيئاه قبل وقوع الطلاق.
←  عدم التحدث بسلبية أمام الطفل عن الطرف الآخر.
←  عدم إستخدام الطفل كوسيلة ضغط.
←  يجب أن يشعر الوالدين طفلهما بالأمان، وأن إنفصالهما لا يعني أنه أصبح وحيداً، وهما ما يزالان الى جانبه  وسيستمران في مساعدته كما في السابق.
←  إحرصا على أن تبقى العادات الخاصة بالطفل مستمرة.
 
إن السبب الرئيسي لطلاق الوالدين يكمن في أكثر الحلات بسبب عدم نضج الشريكين، لذا إعمدا قبل فترة الزواج لدرس بعضكما وتأكدا من عملية إستيعاب كل طرف للآخر كي لا ينتهي الزواج بطلاق ومشاكل تكون نتائجها سلبية وكبيرة على الطفل.

الاثنين، 5 يناير 2015

البحث المندمج Mixed Methods

٦ مبررات لاستخدام البحث المندمج (Mixed Methods)

مؤشر التفاعل: 600
60 مشاركة في الشبكات الإجتماعية، 0 تعليق، و 0 زيارة مؤخراً
 /  الأربعاء, 31 ديسمبر 2014 /  أسس و منهجية البحث، تصميم البحث
البحث المندمج Mixed Methods
أحد القرارات المهمة التي تواجه الباحث في بداية رحلة البحث العلمي هو قرار اختيارمنهجية البحث العلمي و تصميم البحث العلمي المناسب. يعتبر البحث المندمج أو الإستراتيجة المندمجة (Mixed Methods) أحد الطرق و الإستراتيجيات في البحث العلمي و التي لاقت إهتماماً متزايداً في السنوات الأخيرة. هذه الإستراتيجية أو الطريقة هي الأحدث ما بين الإستراتيجيات أو الطرق التي تدخل في تصميم البحث العلمي.

البحث المندمج Mixed Methods: مقدمة سريعة

يمكن تعريف البحث المندمج (Mixed Methods) على أنه البحث الذي يقوم من خلاله الباحث بجمع و تحليل البيانات، عمل توافق و دمج ما بين النتائج، الإستخلاصات، و الإستنتاجات التي حصل عليها من الطرق أو الأدوات الكمية و النوعية و ذلك في نفس الدراسة أو البحث.
بطبيعة الحال، كون هذه الإستراتيجية أو طريقة البحث جديدة نوعاً ما، مقارنة بالبحث الكمي (Quantitative) و النوعي (Qualitative)، لا يزال هنالك الكثير من الجدل حول أهمية و قيمة البحث المندمج. البعض يرى أن البحث المندمج هو أكثر من مجرد دمج ما بين البحث الكمي و النوعي، فهم يرونهكاستراتيجية جديدة تفتح المجال للباحث للبحث عن و التعرف على الظواهر بطريقة لم تكن تتيحها و توفرها الطريقتين الأخرى، كون البحث الكمي يتحدث بلغة الأرقام فقط و يبتعد فيه الباحث عن الظاهرة (أو يدِّعي الإبتعاد و الحياد الكلي على أي حال!)، بينما البحث النوعي يهتم بالإنسان و تصرفاته مثلا و يرى بأن الباحث لا يمكنه فصل نفسه و الإبتعاد عن الظاهرة مكان الدراسة.
البحث المندمج المفترض أن لا ينظر إليه كخيار أفضل من البحث الكمي و النوعي. إختيار طرق البحث و الإستراتيجيات من المفترض أن يعتمد بالدرجة الأولى على الباحث و الشئ الذي يرغب في دراسته. بعض الباحثين يفضلون الطرق الكمية (Quantitative)، و بالتالي، تجدهم يستخدمون الاستبيانات مثلا في الغالب و يقومون بتحليلها إحصائيا، و هكذا. آخرون قد يفضلون البحث النوعي/الكيفي (Qualitative) و يجدون الكثير من الفائدة من المقابلات الشخصية أو الملاحظة و تحليل مثل هذا النوع من البيانات. لكن أحياناً، قد يكون استخدام واحدة من هذه الطريقتين ليس كافياً في فهم الظاهرة بشكل كامل من أكثر من منظور و إقتراح حلول عملية.
على سبيل المثال، لنفترض أن هنالك باحثين يبحثان في ظاهرة ما في مستشفى المجانين. الباحث الأول استخدم أحد طرق المسح (Survey) كالإستبيان بينما فضل الثاني المراقبة (Observation). بالرغم من أنهما يبحثان نفس الظاهرة، إلا أن اختياراتهم أدت إلى إختلافات جوهرية بينهم. فبالإضافة للفروقات في الطريقة المستخدمة لجمع البيانات و اهتمامات كلا منهما، نجد أن النتائج أيضا تأثرت بشخصياتهم، نظراتهم للظاهرة و المرضى، معرفتهم السابقة، و أي تحيز سببوه. جميع هذه الفروقات تأثر على نظرة كلاً منهم للعالم و التفاعل ما بين الباحث و الظاهرة.
في المثال السابق، الباحثين الإثنين قاما بدراسة الظاهرة في المستشفى، لكن، كلاً منهما قام بتغطية منظور مختلف من الظاهرة و أثرها على دراسته بطريقة مختلفة. لكن، لا يمكن لأي من الباحثين الإثنين أن يقوما بتغطية الظاهرة و فهمها بشكل كامل. لذلك في بعض الأحيان، أفضل و أدق طريقة لفهم الظاهرة تكون باستخدام أكثر من طريقة أو إستراتيجية.

مبررات استخدام البحث المندمج (Mixed Methods)

بناءاً على المثال السابق أعلاه، قد يتساءل البعض: ما هي المسوغات أو الأسباب التي قد تدفع الباحث لاستخدام البحث المندمج؟ في الحقيقة هنالك عدة مبررات لاستخدام البحث المندمج. بشكل عام، يمكننا القول بأن هنالك مشاكل بحث معينة يكون فيها البحث المندمج خيار جيّد. نستعرض في هذه المقالة ٦ من هذه الحالات أو مشاكل البحث.

١) نوع أو مصدر واحد من البيانات لا يكفي

البيانات الكيفية أو النوعية (Qualitative) تساعد في فهم ظاهرة البحث بشكل متعمّق من خلال دراسة عدد بسيط من الأفراد أو وحدات البحث. في المقابل، البيانات الكمية (Quantitative) تساعد في فهم الظاهرة من خلال عدد كبير من الأفراد أو وحدات البحث مع محاولة دراسة عناصر محدودة و الدراسة في هذه الحالة لن تكون متعمّقة.
البحث المندمج
البحث النوعي أو الكيفي (Quantitative) و البحث الكمي (Quantitative) كطرق بحث تساعدنا في فهم ظواهر البحث من منظورات مختلفة، و كل من الإثنين له بعض القيود (Limitation). فعلى سبيل المثال، عند دراسة ظاهرة البحث وفق المنهج النوعي أو الكيفي (Quantitative) من خلال عدد قليل من الأفراد، نفقد إمكانية تعميم النتائج. في المقابل، عند دراسة ظاهرة البحث وفق المنهج الكمي (Quantitative) من خلال عدد كبير من الأفراد، لن يكون بالإمكان الوصول لفهم متعمّق عن كل فرد.

٢) الحاجة لتفسير نتائج أولية/مبدئية

في كثير من الأحيان، قد تكون نتائج دراسة ما غير كافية لحل مشكلة البحث أو الوصول لفهم كافي عن مشكلة البحث. في هذه الحالة، غالباً ما يكون من الجيد أن يتم الإستعانة بدراسة إضافية لاحقة (Followup Study) لتفسير النتائج بشكل مناسب. البحث المندمج
من الأمثلة الواضحة على ذلك هو في حالة كانت النتائج من دراسة كمية (Quantitative) في حاجة للمزيد من الشرح لفهم ما تعنية أو في حالة كانت هذه النتائج غير كافية للوصول إلى تفسيرات و توضيحات متعمّقة من الأفراد أو وحدات البحث بما يخدم مشكلة البحث.
في حين أن النتائج الكمية (Quantitative) يمكنها توضيح العلاقات ما بين العناصر أو العوامل المختلفة بشكل عام، نجد أن الوصول لفهم حقيقي و واضح لما تعنيه نتائج الإختبارات الإحصائية بدقة أو أثرها غير ممكن في الغالب، و هنا نجد أن البيانات و النتائج النوعية أو الكيفية (Qualitative) يمكنها أن تساعد في الحصول على هذا الفهم المتعمّق.
بالتالي، يمكن القول بأن البحث المندمج في هذه الحالة يساعدنا في الوصول لفهم أفضل و من أكثر من منظور، خصوصاً إذا دعت الحاجة لمثل هذا الفهم المتعمّق و الشامل.

٣) الحاجة لتعميم نتائج دراسة إستكشافية (Exploratory)

في بعض الحالات عند دراسة موضوع أو مشكلة بحث ما، قد لا يكون لدى الباحث المعلومات الكافية التي تساعده في فهم الأسئلة التي من المفترض أن يطرحها و العوامل التي من المفترض أن يقيسها و إذا ما كان هنالك نظريات معينة يمكنها توجيه الباحث فيما يقوم به في الدراسة.
في هذه الحالة، يكون هنالك جهل بهذه الأمور (لنسميها مجهولات) لعدد من الأسباب: قد يكون لأن الباحث يدرس شئ متخصص جداً، كمجتمع مختلف مثلاً (كالسكان في آلاسكا مثلاً)، أو لأن مجال البحث يعتبر جديداً أو لم يتم البحث في هذه الجزئية المتخصصة جداً مسبقاً.في مثل هذه الحالات عند الجهل بالعديد من الأمور ذات العلاقة بالدراسة، يفضّل غالباً أن يتم عمل دراسة إستكشافية (Exploratory) لفهم مثل هذه المجهولات، و للوصول لفهم أفضل عن الأسئلة، العوامل، أو النظريات، و غيرها من الأمور ذات الأهمية و التي قد توجّه الباحث في دراسته. بعد الدراسة الإستكشافية (Exploratory Study)، يمكن القيام ببحث كمي (Quantitative) لاختبار ما تعلمه الباحث من المرحلة السابقة الإستكشافية (الوصفية/النوعية) و محاولة تعميم النتائج.
البحث المندمج

٤) الحاجة لتحسين مخرجات دراسة ما بإستخدام أسلوب أو طريقة بحث إضافية

في هذه الحالة يقوم الباحث باستخدام طريقة بحث إضافية ثانوية في الدراسة للوصول لفهم أفضل حول بعض أجزاء الدراسة قبل عمل الدراسة الأساسية نفسها.
فعلى سبيل المثال، قد يقوم الباحث بجمع البيانات بطريقة بحث نوعية أو كيفية (Qualitative) ليتوصل لفهم أعمق عن أفراد العينة و يتعرف على بعض المعلومات التي قد تساعده في صياغة الأسئلة أو الإستفادة القصوى من أفراد العينة و تقسيمهم حسب الطريقة الأمثل في الدراسة الأساسية اللاحقة، سواءاً كانت نوعية (Qualitative) أم كمية (Quantitative).
البحث المندمج
بالتالي، في هذه الحالة، يكون هنالك اهتمام و ثقل أكبر لطريقة بحث أساسية (نوعية أو كمية) و في نفس الوقت، يتم الإستفادة من و تطبيق طريقة بحث أخرى صغيرة ذات أهمية أقل في نفس الدراسة قبل طريقة البحث الأساسية (غالباً) للتوصل لمعلومات أولية يمكن الإستفادة منها عند جمع البيانات من خلال طريقة البحث الأساسية.

٥) الحاجة لتطبيق نظرية

أحياناً يكون هنالك حاجة لاختبار نظريات موجودة بطرق أفضل في محاولة للتوصل لفهم أفضل للنظرية. في هذه الحالة، قد يتم استخدام طريقتي بحث (وصفية أو كمية) بحيث يتم جمع البيانات من خلالهما في نفس الوقت (Same time) أو على مراحل (Sequence) بحيث تُبنى المرحلة الثانية على البيانات و الاستنتاجات من المرحلة الأولى.
في هذه الحالة، تكون لطريقتي البحث نفس الأهمية و التركيز في الدراسة.
البحث المندمج

٦) الحاجة لفهم هدف من أهداف البحث من خلال أكثر من مرحلة بحث

في المشاريع الكبيرة و المعقدة و التي قد تمتد لسنوات و يعمل فيها أثر من باحث، غالباً ما يكون المشروع البحثي أو تكون الدراسة العلمية معقدة و تشتمل على الكثير من الجوانب و الأهداف و الأشياء التي يسعى الفريق لدراستها بشكل علمي. في مثل هذه الحالات، غالباً ما يحتاج أعضاء الفريق إلى القيام بعدد من الدراسات و من ثمّ محاولة ربطها لتحقيق هدف من أهداف البحث أو التوصل لفهم أفضل أو تجاوز مرحلة من مراحل الدراسة.
في مثل هذه الدراسات المعقدة، من المتوقع أن الباحثين سيجمعوا بيانات نوعية (Qualitative) و كمية (Quantitative) سواءاً في نفس الوقت أو على مراحل. هذه البيانات قد يتم تحليلها مباشرة لدراسة جانب من جوانب الدراسة أو الإستفادة منها في تطوير أدوات بحث سيتم تطبيقها في مراحل لاحقة من الدراسة.
مثال: في دراسة ما استمرت لـ ٥ سنوات، قام الباحثين بجمع البيانات في مرحلة (١) من مراحل الدراسة لتصميم أداة بحث. في مرحلة لاحقة (٢) قام الباحثين بجمع البيانات و الإستفادة منها في تحسين و تطوير نموذج البحث (Research Model). و في المرحلة الأخيرة (٣)، قاموا بجمع البيانات لتحليلها و الوصول لنتائج يمكنهم الإستفادة منها في الإجابة على سؤال البحث و تحقيق هدف من أهداف الدراسة.
البحث المندمج
الدمج ما بين مختلف الاستخدامات و عمل تصميم بحث بمثل هذا التعقيد قد يكون له إيجابيات عديدة بكل تأكيد، و في الغالب، إذا كانت مشكلة البحث معقدة، قد يكون من المستحيل دراستها بطريقة بحث وحيدة (نوعية أو كمية)، و هنا تبرز أهمية و تميّز البحث المندمج و تصميم البحث المندمج ليقوم الباحث بالإستفادة من الإيجابيات في كل طريقة و يتجنّب السلبيات و يتوصل لنتائج أفضل.